ادارات حكم ذاتي في سوريا؟!
د. أحمد محيي الدين نصار – 11\8\2025
الواضح أن المشروع الصهيوأمريكي يريد تفتيت سوريا، ولعل الخطوة الأولى هي تلك المفاوضات بين الكيانات المستهدفة في الشمال والجنوب مع الحكومة في دمشق والتي ستندرج تحت عنوان المطالبة بإدارة حكم ذاتي، على شاكلة كردستان العراق، دولة ضمن دولة في الشكل دون المضمون، فالولاء والتبعية حتماً سيكونا لراعي المشروع … ولا يمكن أن نغفل عن مسؤولية السلطة السورية الحالية في اعطاء المبررات لهذا المشروع عن قصد أو بدون قصد، آخذين بالحسبان أنها إدارة جديدة لم تأخذ وقتها لتلملم أطرافها ولا حتى خطابها وأولوياتها مع كثرة الأعباء والمطالبات والضغوط من الداخل والخارج ومن الصديق القريب والبعيد وحتى ممن يدعون أنهم الأخوة الأشقاء الذين لم يقدموا إلى الآن ما يصب حقيقة في بناء دولة.
الولايات المتحدة الأمريكية لم ولن تنسحب من شمال سوريا، وهي كانت وما زالت تساند وترعى “قسد”، بل وبنفسها قام مؤتمر الحسكة الخطير في مدلولاته الانفصالية، والذي جعل مشروع الإدارة الذاتية يتقدم وعلى رأسه الكيان الكردي القدوة للكيانات الأخرى، ومن بعده الدرزي، وكل ذلك بدعم أمريكي وإسرائيلي. وبرعاية أمريكية واستضافة أردنية سيجري اجتماعاً يوم الثلاثاء 12 آب بين ممثلين عن حكومة دمشق وممثلين عن مشايخ الدروز في محافظة السويداء السورية، وهو اجتماع بداية المفاوضات والتي ستؤول ولو بعد حين إلى إدارة ذاتية درزية في السويداء رسمياً.
في هذا اللقاء مع الدروز كما سابقاً مع أكراد قسد الحكومة في دمشق تفاوض فصيلاً سورياً خارج حدود الوطن وبالرعاية الأمريكية وتحت الشروط الإسرائيلية. وفي هذا اللقاء مشايخ عقل دروز الثلاثة الأبرز في السويداء سيرسلون ممثلين عنهم للقاء ممثلين عن الحكومة السورية، فهم يرون أن النديّة المطلوبة -في الحد الأدنى- لحضورهم المباشر لأي اجتماع هو بحضور وزير الخارجية السوري “أسعد الشيباني”، وهو ما يشير إلى أنهم باتوا يعتبرون الدروز كياناً مختلفاً عن نسيج الدولة السورية الحالية. ولعل ما يؤكد ذلك تصريحات هؤلاء المشايخ السابقة للاجتماع؛ فالشيخ حمود الحناوي والشيخ يوسف الجربوع؛ هاجما الحكومة في دمشق ووصفانها “بسلطة لا عهد لها ولا ذمة” ووجها شكرهما لشيخ عقل الدروز في إسرائيل موفق طريف على دعمه لأهالي الجبل، وهو ما يعبر عن تأييد للمشروع الإسرائيلي الذي دعا إليه طريف. أما الشيخ حكمت الهجري فشكر بشكل مباشر وصريح إسرائيل حكومة وشعباً والولايات المتحدة ودول الخليج والإدارة الذاتية لشمال وشرق الفرات.. في إشارة واضحة إلى هدف الاجتماع مع السلطة السورية وهو الإدارة الذاتية للسويداء.
البداية مع كرد سوريا ودروزها باتجاه الإدارة الذاتية، وفي حال نجاح ذلك سيتبعهما الكيانات التي شاركت في مؤتمر الحسكة من علويين وشيعة ومسيحيين.. ولا ندري يمكن أيضا التركمان وربما درعا… ولا ندري هل هذا ما يريده عرب الخليج الذي ذكرهم الهجري شاكرا؟! وما هو الموقف التركي؟! وكيف سيكون انعكاس ذلك على لبنان؟! وهل يمكن لأي وطني صادق أن يدعي بأن الدور الأمريكي في سوريا ولبنان في مصلحة وحدة البلاد والسلم الأهلي؟!.
