Dr.mehmet canbekli
قبل أيام أعلنت الصين قرارا من العيار الثقيل وهو فرض قيود على عمليات تصدير المعادن النادره..!
أي أنه يجب على الشركات الأجنبية التي تريد تصدير منتجات تحتوي ولو بكميات صغيرة على عناصر أرضية نادرة أن تحصل على موافقة مسبقة من الحكومة الصينية،
كما يجب أن توضح الغرض من استخدام تلك المواد.
الصين حظرت ايضا على الشركات المحلية العمل مع شركات أجنبية في مجال العناصر الأرضية النادرة من دون تصريح حكومي.
وشملت القيود أيضا منع تصدير معدات الإنتاج والصيانة والإصلاح والتحديث المرتبطة بتلك المواد دون إذن مسبق
ليس هذا فحسب… بل حظرت أي مواد مكررة تستخدم في صناعات استراتيجية.
الصين قالت إن الهدف من هذه الإجراءات هو “حماية الأمن القومي”.
لكن في الحقيقه الصين تستهدف بهذا القرار شركات الدفاع الأجنبية وبالأخص الشركات الأمريكية. لأن الولايات المتحدة، التي تعتمد على الإمدادات الصينية من هذه المواد.
ويبدو أنه رد صيني دقيق على القيود الأمريكية التي منعت الدول من بيع معدات تصنيع الرقائق إلى الصين؛ وذلك لإبطاء تطوير الصين لرقائق عالية القدرة يمكن استخدامها في الذكاء الاصطناعي والتطبيقات العسكرية.
وتوقيت الرد كان مدروساً أيضا ..حيث إن الصين كانت تملك القدره على أن تستخدم هذه الورقه منذ سنوات ولكنها انتظرت حتى تغلق أهم نقطة ضعف لها، لأنها تعلم أن الولايات المتحدة ستلوي ذراعها بهذه الورقة؛ “وهي ورقة الهيليوم”.
الصين كانت تستورد الهيليوم بنسبة 95٪
ومعظم الاستيراد كان من شركات أمريكية، لذلك كانت تدرك الصين نقطة ضعفها فبنت منشآت استخراج الهيليوم
وفي عام 2022 اعلنت الاكتفاء الذاتي من الهيليوم.
لماذا الهيليوم مهم جدا بالنسبه للصين؟
لأن الهيليوم يستخدم في أجهزة الرنين المغناطيسي لتبريد المغناطيسات فائقة التوصيل.
ويدخل في صناعة الرقائق الإلكترونية العسكريه كغاز خامل.
ويستخدم في التبريد العميق للمختبرات والأقمار الصناعية والمعدات الفضائية.
ويستخدم في تعبئة وضغط خزانات الوقود في الصواريخ والمركبات الفضائية.
ويستعمل في تبريد المغانط فائقة التوصيل والمستشعرات الحرارية الحساسة في أنظمة الكشف والرصد.
ويدخل في خلطات الغوص المتقدمة لغواصين القوات الخاصة.
ويتم استخدامه في عمليات لحام وتلحيم متقدمة لمكونات الطائرات والمعدات العسكرية.
ويستعمل في تجارب وبحوث تكنولوجيا الكم والحوسبة الكمية.
ما أهمية ورقة العناصر النادره التي لعبت بها الصين في وجه الولايات المتحدة والتي أصابت ترامب بالجنون وجعلته يفقد صوابه؟
“ما لا يعلمه الكثير هو أن الصين تهيمن فعلياً على سوق العناصر الأرضية النادرة في العالم. فهي تسيطر على نحو تسعين بالمئة تقريبا من إنتاجها العالمي.
والأهم من هذا أن إنتاجها لا يقتصر على الكمية فحسب، بل يتفوق أيضا على مستوى النقاء والجودة المطلوبة لصناعة الرقائق والمغانط والأنظمة الحساسة.
طيب ما هي استخدامات هذه العناصر؟
حرفيا تدخل في معظم الصناعات العسكرية الاستراتيجية؛ على سبيل المثال:
تستخدم في صناعة المغناطيسات التي تدخل في أنظمة التوجيه والتحكم بالصواريخ والطائرات المقاتلة والغواصات النووية.
وتدخل في صناعة المحركات الكهربائية عالية الكفاءة للطائرات المسيرة.
وتستخدم في تصنيع أنظمة الرادار المتقدمة وأجهزة الاستشعار والتتبع بالأشعة تحت الحمراء.
وتدخل في إنتاج سبائك خاصة تتحمل درجات الحرارة العالية في محركات الطائرات والصواريخ.
وتستعمل في أنظمة التصفية البصرية والليزرية في الأقمار الصناعية ومنصات الاستطلاع.
وتستخدم في تصنيع المغانط القوية داخل الأقمار الصناعية وأنظمة الاتصالات العسكرية.
وتدخل في إنتاج البطاريات المتطورة للمركبات القتالية والمدرعات والطائرات المسيرة.
وتستخدم في صناعة الزجاج البصري عالي الدقة المستخدم في المناظير والتلسكوبات العسكرية.
وتستعمل في تكنولوجيا التمويه البصري والراداري لتقليل البصمة الحرارية والإشعاعية.
وتدخل في صناعة المكونات الإلكترونية الدقيقة للأنظمة الدفاعية والحواسيب الفائقة.
وتستخدم في تطوير أنظمة الطاقة الموجهة مثل الليزر العسكري والأسلحة الكهرومغناطيسية.
وتدخل في تصنيع المحركات النفاثة والمولدات في السفن والطائرات.
وتستعمل في الأقمار الصناعية المخصّصة للتجسس والمراقبة لتقوية إشارات الإرسال والاستقبال.
وتستخدم في أنظمة الملاحة العسكرية الدقيقة.
وتدخل في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي العسكرية وأجهزة تحليل البيانات الميدانية.
وتستخدم في إنتاج شاشات العرض المتقدمة لأنظمة القيادة والسيطرة في المقاتلات الحديثة.
وتدخل في تطوير الأسلحة الموجّهة بدقة
تستخدم في تطوير أجهزة الحرب الإلكترونية وأنظمة التشويش والرصد الكهرومغناطيسي.
من يشاهد استخدامات هذه العناصر الاستراتيجية يدرك تماماً أن الصين رمت بوجه الولايات المتحدة الأمريكية ورقة استراتيجية قادرة على تعطيل سلاسل التوريد العالمية في مجال الصناعات العسكريه في أي لحظه.
هناك مفاوضات أمريكية صينيه تجري للحد من الحرب التجاريه بين البلدين، والصين ارادت باستخدام هذه الورقه القول للولايات المتحدة: “ارفعي عني قيود حظر تصدير الرقائق الإلكترونية أرفع عنك قيود المعادن النادره والخيار لكم”.
مع هذا الولايات المتحدة للمره الاولى تبدوا كالعاجز أمام ورقة الصين هذه، وتحاول أن تجد بديل كي لا تقع تحت رحمة الصين بشأن العناصر النادره مره أخرى. وتذكرون قبل فترة أن ترامب تحدث عن المعادن النادرة الأوكرانية، وذكر بصراحة أن هذه المعادن تشكل قوة استراتيجية هائلة للولايات المتحدة يمكن لأوكرانيا من خلالها أن تسدد ديونها للولايات المتحدة التي مولتها بالحرب، حتى أنه عرض على بوتين فكرة إنهاء الحرب في أوكرانيا مقابل الوصول إلى هذه المخزونات وتقاسمها بشكل آمن. لكن يبدو أن بوتين تجاهل هذا العرض الأمريكي وهذا ما أثار غضب ترامب.
مؤخرا عندما سافر الرئيس التركي أردوغان إلى واشنطن لإجراء محادثات، كان الحديث الظاهر يدور حول غزة واتفاقيات الغاز والطاقة. لكن خلف الأبواب المغلقه كان الملف الحقيقي مختلفاً تماماً؛ الولايات المتحدة وتركيا بدأتا فعلياً مفاوضات حول العناصر النادرة، فواشنطن تدرك أن الصين تمسك برقبة العالم من خلال هذه المعادن، وأن كسر احتكار بكين لن يكون ممكناً إلا عبر دولة تملك مخزوناً ضخماً يمكن تطويره .. وبالضبط هذا ما تمتلكه تركيا.
ففي عام 2022 أعلنت تركيا عن اكتشاف ضخم في منطقة بيليكوفا – اسكيشهير يقدر بنحو 694 مليون طن من خامات العناصر الأرضية النادرة، لتصبح تركيا ثاني أكبر دولة في العالم بعد الصين التي تملك نحو 800 مليون طناً تقريباً. لكن المشكله التي تواجهها تركيا هي ان امتلاك الخام لا
تعني امتلاك قوة بدون مصانع معالجة واستخراج متطورة، فالصين تحتكر مرحلة المعالجة والتنقية التي تحوّل الخام إلى مادة استراتيجية تستخدم في الصناعات العسكريه والالكترونية والفضائية، وتركيا كي تبني مصانع كهذه تحتاج لعشرات المليارات من الدولارات وتحتاج للمعرفة التكنولوجية.
ولهذا في 2024 حاولت تركيا توقيع اتفاق مع الصين لاستخراج هذه المعادن والقيام باستثمارات لبناء مصانع في تركيا ونقل تكنولوجيا الاستخراج والمعالجة، إلا أن الصين رفضت نقل التكنولوجيا وأرادت نقل المواد الخام من تركيا فقط ومعالجتها بمصانع الصين. إلا أن أردوغان رفض ذلك وأصر أن تكون تركيا مركز انتاج اقليمي لا مجرد مزود للمواد الخام.
بعد فشل الاتفاق مع بكين اتجهت أنقرة نحو موسكو، إلا أن روسيا لم تقدم التكنولوجيا أو الخبرة التصنيعية وكانت عروضها أقل من الصينيين. وروسيا التي تأثرت بالحرب مع أوكرانيا بالتأكيد من الصعب عليها الاستثمار بمليارات في دولة تتبع حلف الناتو. حينها عادت تركيا لتفتح الباب أمام الولايات المتحدة الأمريكية التي تبحث عن أي بديل يقلل اعتمادها على الصين؛ وهي تركيا التي تمتلك المواد الخام والموقع الجغرافي والعلاقات العسكرية مع الناتو.
مع هذا حتى اللحظه لا أحد يعلم ما الذي دار في المفاوضات التركية الأمريكية بهذا الشأن، خصوصاً أن علاقات الدولتين ليست بأفضل حال منذ سنوات
وهناك الكثير من الملفات الخلافية بين البلدين، مثل؛ اتهام تركيا للولايات المتحدة بدعم تنظيم pkk.
وفرض الولايات المتحدة على تركيا عقوبات بسبب عملياتها العسكرية في سوريا.
ودعم الولايات المتحدة لتنظيم قسد الذي تعتبره تركيا تهديداً لامنها القومي.
ادخال الولايات المتحدة لتركيا ضمن قانون جاستا الذي يصنفها ضمن أعداء الولايات المتحدة، وإخراجها من برنامج المقاتله F-35 بسبب شراء أنظمة الدفاع الروسية.
وبناء الولايات المتحدة لقواعد عسكرية على حدود تركيا داخل اليونان في جزيرة دادا آغاتش وفي العديد من الجزر اليونانية.
وبيع الولايات المتحدة لليونان مقاتلات F-35 بالرغم من امتلاكها أنظمة دفاع روسية.
وتسليح الولايات المتحدة لقبرص ورفع الحظر عنها.
والمماطله في تسليم صفقة مقاتلات F-16 لتركيا.
والمماطله في تسليم المحركات الأمريكية للمقاتلات التركية.
وغيرها الكثير من الملفات.
